من المنتظر أن يشكّل السِجِلّ الناجح لدول مجلس التعاون الخليجي في التغلب على ندرة المياه الشديدة في واحدة من أكثر مناطق العالم جفافاً، حجر الزاوية في القمة العالمية الخامسة للمياه، المزمع انعقادها في أبوظبي خلال شهر يناير المقبل. وكان تقرير حديث صادر عن معهد الموارد العالمية وشركة جنرال إلكتريك قد توقّع أن تصبح جميع الدول الإحدى والعشرين في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا واقعة تحت خط الفقر المائي الذي حددته منظمة الصحة العالمية والبالغ 1,000 متر مكعب سنوياً للفرد، وذلك بحلول العام 2030.
وتُظهر بيانات الهيئة الاتحادية للكهرباء والماء في دولة الإمارات أن نصيب الفرد من استهلاك المياه يبلغ نحو 500 لتر في اليوم، أي أعلى من المتوسط العالمي بنحو 82 بالمئة. ووفقاً لهيئة البيئة - أبوظبي، فإن هذا الاستهلاك يزيد عن المعروض الطبيعي من المياه بحوالي 26 ضعفاً.
ومع ذلك، فلطالما حرصت دول مجلس التعاون الخليجي على استخدام التقنيات المبتكرة في تحلية المياه لضمان أمن إمدادات المياه في المناطق الحضرية على الرغم من ارتفاع مستويات الطلب. ونتيجة لذلك، راكمت المنطقة ثروة كبيرة من المعرفة والخبرة في هذا المجال الحيوي، في وقت تُعتبر نُدرة المياه واحدة من أكبر التحديات التي تواجه العالم، إذ يمكن أن يكون ثلثا سكان العالم بحلول العام 2025 "تحت ظروف مائية مجهدة" وفقاً لأرقام الأمم المتحدة.
وباتت دولة الإمارات ودول مجلس التعاون الخليجي الأخرى تمثل سوقاً رئيسية للابتكار الذي يمكن أن يزيد الإمدادات وتقلّل الهدر، في ظلّ استمرار النمو في الطلب على الاستخدامات المنزلية والزراعية والصناعية للمياه، فيما تأخذ هذه البلدان بالاعتبار قضايا الاستدامة على نطاق أشمل، مثل تحلية مياه البحر بطريقة أكثر كفاءة باستخدام الطاقة الشمسية لتشغيل محطات التحلية، والحد من الخسائر في شبكات التوزيع، وتحسين طرق الري في الزراعة، وتحسين طرق المعالجة والاستخدام لمياه الصرف الصحي المعاد تدويرها.
وعلى هذه الخلفية تقام القمة العالمية للمياه كحدث متميز ينعقد تحت مظلة أسبوع أبوظبي للاستدامة، وهي ترفع شعار "تعزيز استدامة المياه في المناطق الجافة". وترمي القمة العالمية للمياه، التي تستضيفها مصدر في إطار شراكة استراتيجية مع هيئة مياه وكهرباء أبوظبي، إلى دعم استدامة المياه في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وفي هذا السياق، أكّد محمد جميل الرمحي، الرئيس التنفيذي لمصدر، أن الطلب على الطاقة والحاجة الملحّة للإمدادات المستدامة من المياه "تحديان متلازمان، لا سيما في الشرق الأوسط"، حيث تحتاج تحلية مياه البحر إلى قدر كبير ومتزايد من الطاقة. وقال: "تحلّ مصدر في طليعة الابتكار في مجال الطاقة النظيفة والمياه، باعتبارها عضواً مؤسساً للتحالف العالمي لتحلية المياه النظيفة، ومن خلال استثمارنا المباشر في الأبحاث والتطوير مثل مشروع غنتوت التجريبي لتحلية المياه هنا في دولة الإمارات، والذي يشكّل منصة اختبارية لتقنيات كفاءة الطاقة والتقنيات القائمة على الطاقة المتجددة، ونحن نرى في التعاون بين الجهات المتخصصة وتبادل المعرفة في هذا المجال أمراً حيوياً من أجل إحراز التقدم ودعم التبني الواسع للحلول المستدامة. وقد استطاعت القمة العالمية للمياه ترسيخ نفسها منصة بارزة لتحقيق ذلك، ونحن نتطلع إلى نجاح انعقادها الخامس في مطلع العام المقبل 2017".
ويمكن للحضور في هذا الحدث الاطلاع على أحدث الحلول والرؤى المتخصصة في مجالات كفاءة استخدام المياه وتحلية المياه، ومعالجة مياه الصرف الصحي، وإدارة الطلب على المياه في بيئة قاحلة واسعة النطاق، وذلك في أوساط العارضين والمستثمرين والمقاولين والجهات الحكومية.
وكانت القمة العالمية للمياه استضافت في دورتها للعام 2016 أكثر من 10,000 زائر و185 شركة عارضة من 111 دولة. كما شهد برنامج مؤتمر القمة الماضي مشاركة 300 موفد استمعوا إلى 75 خبيراً متحدثاً تبادلوا المعلومات وأفضل الممارسات في مجال وضع الحلول الخاصة بالتصدي للتحديات المرتبطة بالمياه في المنطقة. واستطاعت مؤتمرات القمة العالمية للمياه أن تؤسس على مدى السنوات الماضية لإقامة حوارات بنّاءة بين القطاعات الحكومية والخاصة والأكاديمية تبلورت من خلال العروض التقديمية العامة وورش العمل وفعاليات النقاش والمنتديات.
ومن المقرّر أن تعود في الدورة المرتقبة من القمة منافسات "الابتكار في القمة العالمية للمياه" (Innovate@IWS) التي تقام مباشرة في الحدث، بإشراف لجنة تحكيم متخصصة، وذلك دعماً لرواد الأعمال المحليين وتكريماً للفائزين المشاركين منهم في هذه المنافسات ممن يقدّمون حلولاً واعدة في تقنيات المياه الحديثة في المنطقة. وشملت قائمة الفائزين في الدورة الماضية شركة "إيكولوجيكس" التي تستخدم التقنيات الصوتية لتحديد أماكن التسرّب في الأنابيب، وشركة فيينا لحلول مراقبة المياه المختصة بقياس التلوث الميكروبيولوجي في 15 دقيقة، و"سافاج شاورز" لأطقم الاستحمام التي يمكنها توفير 90 بالمئة من المياه والطاقة مقارنة بأطقم الاستحمام التقليدية.
وسيكون بوسع العارضين والحضور الاستفادة من منتدى متخصّص للتواصل يقام في مسرح "تك توك" التي ستشهد تقديم خبراء لأكثر من أربعين عرضاً تعريفياً ودراسة لحالات استخدام ناجحة لتقنيات استدامة المياه.
كذلك سوف يعود إلى القمة برنامج "تواصُل الشركات" دعماً لتطوير الأعمال التجارية بين القطاعين العام والخاص. وقد استطاع هذا البرنامج خلال الدورة الفائتة تسهيل إقامة 1,530 اجتماعاً بين 386 تنفيذياً من 320 شركة من 38 بلداً، بينها الأردن وباكستان والمملكة العربية السعودية وسلطنة عُمان والكويت ومصر والمغرب والهند.
وتقام القمة العالمية للمياه 2017 بمصاحبة القمة العالمية لطاقة المستقبل، ومعرض إيكو ويست.
التعليق على الصورة: مشاريع مصدر للأبحاث والتطوير مثل مشروع غنتوت التجريبي لتحلية المياه تشكّل منصة اختبارية لتقنيات كفاءة الطاقة والتقنيات القائمة على الطاقة المتجددة في الإمارات