بحضور الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، المؤسس والرئيس التنفيذي لمجموعة كلمات، انطلقت صباح اليوم )الثلاثاء)، أعمال مؤتمر "حروف ريجيو التعليمي"، الذي تنظمه "حروف" التابعة لمجموعة كلمات للنشر، باستضافة ممثلين من مركز "ريجيو للأطفال"، المركز الإيطالي المتخصص في أساليب التعليم المعاصرة.
وينظّم المؤتمر الذي يستمر حتى الثامن من مارس المقبل في ملتقى القصباء بالشارقة، للمرّة الأولى على مستوى دولة الإمارات العربية المتحدة، بهدف إطلاع المعلمين والمسؤولين في القطاع التعليمي، والتربوي، في دولة الإمارات على المنهج التعليمي العالمي "ريجيو للأطفال".
وتم افتتاح أعمال المؤتمر بحضور كل من سعادة مروان الصوالح، وكيل وزارة التربية والتعليم، وسعادة على يعقوب الحوسني، أمين عام مجلس الشارقة للتعليم، وسعادة محمد عبد الله، الرئيس التنفيذي لمصرف الشارقة الإسلامي، وسعادة محمد خلف، مدير عام مؤسسة الشارقة للإعلام، وسعادة طارق علاي، مدير المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة، وعايدة أرملي مدير بنك الشارقة، ومحمد أحمد أمين مساعد المدير العام لقطاع الاتصال والأعمال في غرفة تجارة وصناعة الشارقة، ومايكل غازر، نائب رئيس جيمس للتعليم، والسيدة كلوديا جوديتشي رئيس مركز ريجيو للأطفال، والدكتورة رنا تميم عميد كلية التربية بالإنابة في جامعة زايد، وسعادة نتن أناند الرئيس التنفيذي لكلية الأفق الجامعية، وإيمان بن شهيل، ممثلة جمعية الشارقة التعاونية، و مجد الشحي مدير مبادرة ألف عنوان وعنوان، وعهد بن جريس ممثلة مبادرة ثقافة بلا حدود.
ويستعرض المؤتمر تجربة مراكز ريجيو التعليمية، الهادفة إلى مساعدة المعلمين، والمسؤولين التربويين في التغلّب على المفهوم التعليمي التقليدي السائد في المدارس، ولفت انتباههم إلى ضرورة الاستفادة من إمكانات الأطفال، ولغاتهم التعبيرية الكامنة.
وقالت الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي المؤسس والرئيس التنفيذي لمجموعة كلمات في الكلمة الرئيسية: "يعد التعليم أساس بناء الإنسان، ولا تتحقق النهضة الحضارية بدون وجود نظام تعليمي يعتمد على الإبداع والابتكار، ويوفر للطلبة العلوم والآداب والمعارف التي تساعدهم على اختيار مساراتهم المهنية مستقبلاً، والمساهمة في النهوض بمجتمعاتهم وأوطانهم".
وأكدت الشيخة بدور القاسمي أن منهج "ريجيو إيميليا" بما يعتمد عليه من توظيف للإبداع وللمهارات والقدرات الفردية، ومنح الأطفال الثقة بأفكارهم والتعبير عن آرائهم، ينسجم مع عملية التطوير التي سيكون عليها شكل المدرسة الإماراتية في المستقبل، وذلك على حساب النمط التقليدي القديم، من أجل ضمان مواكبة الأجيال القادمة للتخصصات والمجالات التي ستحتاجها الدولة في الأعوام المقبلة، وتحفيز الطلبة على دراسة الحقول المعرفية والإبداعية الجديدة والمبتكرة.
وبدوره قال سعادة مروان الصوالح، وكيل وزارة التربية والتعليم:" إن ما تعيشه إمارة الشارقة من حالة تنويرية متقدمة تعكس حضورها الواثق والاستثنائي على الصعيد الثقافي والمعرفي في المنطقة، فهي وبرؤية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، تمضي قدماً في ترسيخ دعامات العلم كأساس ضروريّ لبناء الإنسان، فصاحب السمو يدعو دوماً وفي شتى المحافل التي تنظمها الشارقة إلى الارتقاء بالإنسان باعتباره حجر الأساس للنهضة المجتمعية".
وأضاف:" كعادتها تحتضن الشارقة الأحداث المهمة ذات شأن ثقافي، ومعرفي، ومؤتمر ريجيو التعليمي للأطفال أحد هذه الأحداث التي تلفت الأنظار إلى الدور الكبير الذي يحققه التعليم في مسيرة التنمية والنهضة، وهذا المنهج بحضوره يعتبر إضافة مهمة لجموع المعلمين والكوادر التربوية بما يسهم في إثراء حصيلة الأطفال المعرفية بشكل حديث وعصري، باعتبار أن التركيز على مراحل الطفولة يعتبر من ضرورات التنشئة الصحيحة، لذا بات لزاماً أن نستحدث طرقاً وبدائلاً تعليمية بعيدة كل البعد عن نظام التعليم التقليدي الذي يعتمد على التلقين، والمضي في توفير بيئة ملائمة تخدم مستقبل الأجيال الجديدة".
وأكد الصوالح أن الوزارة تمضي في وضع منظومة تعليمية متكاملة لرياض الأطفال والمدارس ضمن المراحل التأسيسية، مشيراً إلى أن هذه الخطوات تخدم المسيرة التعليمية برمّتها وتسهم في تزويد المعلمين والكوادر التربويّة بالخبرات اللازمة والضرورية لتطوير واقع التعليم ومنح الأجيال الجديدة فرصة أكثر تطوراً للتعلّم.
ومن جانبه قال سعادة علي يعقوب الحوسني، أمين عام مجلس الشارقة للتعليم:" إن تواجدنا بينكم اليوم هو تجسيد لرؤيتنا في دعم البرامج الخاصة بتعليم الطفولة المبكرة مستشرفين من خلالها آفاق المستقبل وما نشهده من تعاون جاد نعايشه في دولة الإمارات في سبيل تبني وإيجاد مشاريع تعليمية وتربوية تهدف إلى تنشئة جيل قادر على قيادة مستقبل الوطن برؤية وعزيمة كبيرة، الأمر الذي يستدعي تظافر مختلف الجهود ومن جميع الجهات والمؤسسات التعليمية في الدولة لتحقيق رؤية الإمارات في تحسين واقع التعليم والاستفادة من جميع الخبرات العالمية بهذا الخصوص، حيث أن منهج ريجيو لتعليم الأطفال يعتبر مكسباً كبيراً سيؤتي ثماره في الأجيال القادمة التي تتمتع برعاية شاملة ونوعية ومهنية".
وأضاف:" إن قراءة سريعة لواقع التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة يشعرنا بوجود فجوة تستدعي منا أن نتداركها سريعاً، لذا ومن باب الحرص على رأب الصدع، مضينا في الاهتمام والتطوير بمجالات التعليم في إمارة الشارقة بشكل عام تحقيقاً لرؤية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة الذي يدعونا دوماً إلى توفير بيئة تعليمية آمنة وحاضنة للأطفال، وتحقيق أوجه الرعاية المتكاملة للأجيال الجديدة، لذا باشرنا في توفير أفضل معايير الرعاية التعليمية للأجيال الجديدة، ولهذه الفئة التي تعتبر أهم فئات المجتمع".
وأكد الحوسني أن مجلس الشارقة للتعليم يؤمن بأهمية تبادل الخبرات في مجال رعاية الأطفال، فهو يمضي في عقد الاتفاقيات الخاصة لتطوير سبل العمل وإيفاد هيئات إدارية وتدريسية للمساعدة والاطلاع على تجارب الدول الأخرى المتميزة، لافتاً إلى أن إشراك الكوادر التدريسية والتربوية في دورات تدريبية يهدف إلى تطوير مهاراتهم وخبراتهم الأمر الذي ينعكس على الأداء التعليمي في الدولة بشكل عام.
وبدورها قالت كلاوديا جوديتشي، رئيس مركز ريجيو للأطفال:" نلمس جهوداً كبيرة تقودها إمارة الشارقة في سبيل تحقيق مناخ متطور لتعليم الأطفال والنهوض بالأجيال الجديدة من خلال مبادرات، وبرامج استثنائية تلعب دوراً هاماً في تطوير مدارك ومعارف الأطفال الذين نؤمن في أنهم أهم فئات المجتمع، وأساس الإنسانية، لذا نحن مطالبون بتحقيق مسؤوليتنا تجاه هؤلاء الأطفال من خلال توفير بيئة تعليمية آمنة ومتطورة تخدم مستقبلهم".
وأضافت:" نحاول من خلال منهج ريجيو التعليمي للأطفال وعبر سلسلة من الاستشارات والمعارض والدورات التي نقدمها المضي في إحياء التراث الخاصة بهذا المنهج، ونشر أهدافه التي تسعى إلى توفير مناخات واعدة ومتطورة تخدم مخزون الأطفال المعرفي والفكري، وتبعدهم عن الأساليب التقليدية وتمنحهم فرصة خوض المستقبل بالكثير من الأساسات والدعائم العلمية المبتكرة".
واختتم المؤتمر فعالياته بتكريم الشركاء والرعاة، وهم: وزارة التربية والتعليم ومجلس الشارقة للتعليم (الشريكان الاستراتيجيان)، ومصرف الشارقة الإسلامي (الراعي الرسمي)، وجيمس للتعليم، وجامعة زايد، وكلية الأفق (الرعاة التعليميون)، ومؤسسة الشارقة للإعلام، والمكتب الإعلامي لحكومة الشارقة (الراعيان الإعلاميان)، وقناة القصباء (الراعي اللوجستي)، ومبادرة ألف عنوان وعنوان، ومشروع ثقافة بلا حدود (رعاة الورش)، وبنك الشارقة، وجمعية الشارقة التعاونية وغرفة تجارة وصناعة الشارقة (المؤسسات الداعمة).
وتطرقت جلسة اليوم الأول للمؤتمر التي قدمتها كلّ من كلاوديا جوديتشي، رئيس مركز ريجيو للأطفال، ومارينا كاستانيتي، معلمة تطبق منهج ريجيو في مدرسة ديانا، إلى استعراض آلية تعليم الأطفال وفق منهج ريجيو إميليا، حيث قدّمت جوديتشي بعض النماذج الخاصة بطريقة التعليم التي يتّبعها المنهج من خلال مواد مصوّرة تم عرضها في الجلسة، حيث سلطت الضوء على المهارات الحسيّة التي يقوم بها الصغار ضمن المشروع التعليمي الذي تمضي فيه المدارس الإيطالية.
أوضحت جوديتشي الأساليب المتطورة في التعليم المبني على الترجمة الحسيّة لما تعلّمه الأطفال، حيث كشفت كيفية ترجمة الأطفال لما يرونه من أنشطة إلى نماذج فنية مرسومة أو مصنوعة من الصلصال، لافتة إلى أهمية هذا الأسلوب في منح الأطفال تجربة متطورة لتعلّم المهارات وتحصيل المعارف.
وأشارت جوديتشي إلى أن التعلّم هو عملية بنائية واجتماعية، ويحتاج إلى التفاعل والتواصل مع الآخرين، مؤكدة أن المئة لغة التي يمتلكها الأطفال هي توصيف لطرق التعلّم التي يمتلكها الصغار، التي تقترح الخروج عن الأنماط التقليدية المتبعة في المدارس.
وبدورها شرحت كاستانيتي تجربتها الشخصية في التعليم من خلال منهج ريجيو، وأوضحت أن جوهر التعليم ينبع من تحفيز الأطفال على الأبداع، مشيرة إلى أن إشراك الأطفال في عملية التعليم يرفدهم بالكثير من المعارف ويضمن لهم أعلى معايير التعلّم، من خلال السماح للأطفال بتوظيف عواطفهم وعقولهم.
وشهدت الجلسة عرض رسومات لأطفال تتراوح أعمارهم بين 2-6 سنوات، عبروا خلالها عن عدد من الرسائل التي صاغوها بكلماتهم، حيث حولوا الكلمات إلى خطوط وألوان كل وفق أسلوبه الخاص، لتكشف الرسومات قدرات الأطفال الكبيرة على ترجمة إحساسهم إلى إبداع فني.
ويعد منهج مركز "ريجيو للأطفال" أحد المناهج التعليمية المتطورة التابعة لريجيو إيميليا الذي يعتمد على تعزيز التطور العقلي لتفكير الأطفال عبر استخدامهم للغتهم الطبيعية، وأنماطهم التعبيرية المختلفة التي يمتلكونها للتعلّم وإثراء حصيلتهم العلمية، وهو لا يفرض على الأطفال تعلّم الأرقام، والكميات، والأشكال، والمقاييس وغيرها من المواد التعليمية بشكلها التقليدي، كون هذه المفاهيم ترتبط بالخبرات اليومية التي يكتسبونها أثناء اللعب والتفكير والتحدث خلال أنشطتهم اليومية.
ويُنظم المؤتمر خلال أيام انعقاده ورشة عمل متخصصة، تهدف إلى إكساب المعلمين والمسؤولين التربويين فهماً أعمق لعلاقة الأطفال بالفن والكلمات، وذلك من خلال إتاحة الفرصة أمامهم للتعبير عن إدراكهم لما استلهموه بالرسم والكلمات، وتعزيز التواصل بين المدرسين والطلاب من أجل اكتشاف قدراتهم الذهنية وأنماط تفكيرهم وتوظفيها في العملية التعليمية.
وتتجلى رؤية "حروف" من خلال تنظيمها لهذا المؤتمر في تطوير وسائل التعليم، وإبراز القدرات التي يمتلكها الأطفال، بدءاً بالمخيلة الواسعة، والذكاء الطبيعي، وصولاً إلى امتلاكهم للعديد من طرق ومهارات التفكير والتعبير عن أنفسهم بالوسائل التي يرونها مناسبة لإيصال الرسائل التي يرغبون بها، فضلاً عن قدرتهم على الفهم والتواصل مع الآخرين في مواضيع لا حصر لها.
يشار إلى أن "حروف"، التابعة لمجموعة كلمات، أُطلقت في العام 2013 بهدف إيجاد وسائل تعليمية عصرية ومبتكرة للأطفال باللغة العربية، حيث تمتلك العديد من الإصدارات الورقية والرقمية، وعملت أيضاً قبل إطلاقها الرسمي على عدة مشاريع بحثية مع أكثر من 30 مدرسة في الشارقة لإيجاد أفضل الممارسات التعليمية في النشر وتطوير قدرات الأطفال، كما أنها تمضي في تأهيل وتدريب المعلمين والمسؤولين التربويين على أحدث الوسائل التعليمية بما يخدم مستقبل الأجيال الجديدة معرفياً.