يكشف المعرض الإستعادي الأول في الإمارات للفنان اللبناني الراحل عارف الريس، الذي دشنته هيئة الشارقة للمتاحف ومؤسسة الشارقة للفنون في متحف الشارقة للفنون في 26 فبراير واختتم أعماله في 7 أغسطس الجاري، عن العديد من الأنماط الفنية التي اكتسبها الفنان عبر تجاربه الثرية في عدد من دول العالم بينها الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا وغرب أفريقيا.
واحتوى المعرض الذي سار بزواره إلى نوع من المتعة الجمالية على أكثر من 90 عمل فني و13 منحوتة تبرز في مجملها مسيرة حافلة وممتدة لأحد أبرز فناني الحداثة في النصف الثاني من القرن العشرين المتميّز بعطائه الغزير والثري بالإبداعات التي امتدت لما يزيد عن نصف قرن، فضلا عن مساهماته في النحت واللوحات الجدارية واستخدامه المتميز واللافت لتوظيف الألوان والتصاميم المجردة.
حضر المعرض ما يربو على 12.000 زائر من بينهم شخصيات فنية ورسمية واعتبارية، إلى جانب عدد كبير من الهواة والموهوبين والرواد والشباب المبدعين، الراغبين في الاطلاع على أعماله التي تم ترتيبها وفقاً لتسلسل زمني، من ضمنها لوحاته ذات المواضيع العميقة والألوان الغزيرة والتركيبات الفنية المعقدة وأساليبه الفريدة في تصميم منحوتاته وسط إشادة بدور هيئة الشارقة للمتاحف ومؤسسة الشارقة للفنون في إظهار أعمال الفنان الراحل وإبراز قيمة أعماله وبصمته الواضحة على الساحة الفنية.
وأكدت سعادة منال عطايا مدير عام هيئة الشارقة للمتاحف، أن المعرض الإستعادي يكتسب ميزة خاصة لأنه يزهو بحمل اسم عارف الريس أحد الفنانين المبدعين ويسلط الضوء على سيرة أعماله من أفكار وآراء وتراكم للتجارب خلال سنين عديدة، مشيرة الى أن مثل هذه المعارض التخصصية تلعب دورا محوريا في تحريك الوجدان وتنوير العقول وتعميق الثقافة الفنية، ما يجعل الهيئة عازمة على المضي قدما في تنظيم المعارض النوعية للفنانين من مختلف أنحاء العالم مع التركيز على الفنانين المحليين والعرب ممن أثروا المشهد الإبداعي بأعمالهم.
وأضافت أن الهيئة فخورة بما حققه المعرض، معربة عن شكرها العميق لمؤسسة الشارقة للفنون على دعمها المتواصل، حيث ساهمت بشكل فاعل في ترسيخ المعرض بالمشهد الثقافي، وانجاح غاياته، مشيرة الى حرصهم على توطيد التعاون المشترك مع المؤسسات ذات العلاقة محليا وإقليميا وعالميا لصالح إبراز قيمة الثقافة بمختلف توجهاتها ومجالاتها، وتثمين أعمال الفنانين المحليين والعرب، موضحة أن الهيئة تستهدف الحفاظ على ثراء المخزون التشكيلي ودعم الحراك الفني والثقافي الذي يعتبر واجهة لإمارة الشارقة عبر ما تقدمه للجمهور من فعاليات ومعارض وأنشطة متنوعة.
وحظيت عدد من اللوحات التي تضمنها المعرض باهتمام بالغ من الجمهور الزائر لا سيما سلسلة لوحات "الدم والحرية"، التي عبر الفنان من خلالها عن ألمه العميق عقب هزيمة حرب الأيام الستة مع الكيان الصهيوني في العام 1967، وسلسلة لوحات أخرى وثق فيها الفنان الحرب الأهلية اللبنانية التي استمرت لمدة 15 عاماً، فضلاً عن لوحات فنية بألوان زيتية، ومنحوتات، ورسومات، وصور فوتوغرافية تستقطب الزوار ومحبي الفن الذي يشكل في مجمله إرث ثقافي يوثق لمراحل هامة في التاريخ الإنساني والعربي، بينما وضحت أعمال أُخرى رسمها الريس أثناء إقامته في المملكة العربية السعودية تطوراً في أسلوبه واستخدامه للألوان حيث قام برسم مشاهد من الصحراء الخالية من أوجه الحياة.
وكانت الشيخة حور القاسمي رئيس مؤسسة الشارقة للفنون، وسعادة منال عطايا مدير عام هيئة الشارقة للمتاحف افتتحتا المعرض بحضور الشيخة هند بنت ماجد القاسمي رئيس مجلس سيدات أعمال الشارقة، والشيخة نوار بنت أحمد القاسمي مدير مؤسسة الشارقة للفنون والسيدة هالة الريس ابنة الفنان الراحل.
يذكر أن عارف الريس الذي ولد عام 1928 ورحل في 2005 بدأ حياته الفنية في نهاية أربعينيات القرن الماضي عندما سافر إلى افريقيا للمساعدة في إدارة أعمال العائلة ليجد نفسه متأثراً بالمظاهر المذهلة التي أحاطت به وقادته إلى ممارسة الفنون. كما تنقل ما بين لبنان، والسنغال وروما وفرنسا حيث انضم للدراسة في أكاديمية دي لا غراندي شوميير وتأثر بعدد من الفنانين الأوروبيين في الخمسينات والستينات إلا أن ارتباطه بوطنه ومتابعته للأحداث السياسية في الوطن العربي انعكست على عدد كبير من أعماله.
ويعد الريس أحد الرموز البارزة في الفن اللبناني والعربي وواحداً من أهم وألمع التشكيليين والنحاتين العرب، وقامة فنية كبيرة، ذاع صيتها عربيا وعالميا وأقيمت له معارض عدة في كل من لبنان، فنزويلا، المكسيك، الولايات المتحدة وإيطاليا.