شهد السوق السكني في الرياض مستويات عالية من النشاط خلال عام 2019 مع تسجيل ارتفاع سنوي في حجم وقيمة المعاملات بنسبة 53٪ و63٪ على التوالي، وذلك وفقًا لبيانات جديدة صادرة عن شركة الاستشارات العقارية العالمية "سي بي آر إي". وفي الوقت نفسه، سجلت أعداد القروض العقارية للأفراد في المملكة نموًا يزيد عن 250٪ بين يناير ونوفمبر 2019. وتوضح الأرقام أيضًا ارتفاع قيمة العقود بأكثر من 160٪ عن نفس الفترة من العام الماضي.
كما استمر الدعم القوي للقطاع السكني من قبل الحكومة، مع إطلاق وزارة الإسكان في أكتوبر 2019 مبادرة لدعم تجديد وصيانة الوحدات السكنية التي تزيد أعمارها عن 15 عامًا عبر توفير التمويل اللازم، ومن المرجح أن يؤدي ذلك إلى تنشيط أداء الوحدات القديمة المتواجدة ضمن المناطق المركزية بالرياض. وكشفت دراسة "سي بي آر إي" أيضًا أن المستفيدين من مبادرة "سكني" التي أطلقتها وزارة الإسكان لدعم تملك السعوديين للمنازل قد ارتفع بنسبة 14٪ في عام 2019 مقارنة بالعام الذي سبقه. كما ذكر التقرير توافر 1،290،000 وحدة سكنية في العاصمة مع توقع تسليم 111 ألف وحدة إضافية بحلول عام 2023.
وتواصل مساحات العمل المرنة والمشتركة إعادة تشكيل أسواق المكاتب عالمياً، مع امتداد هذا الاتجاه إلى الرياض. كما كان لانخفاض معدل البطالة في المملكة في الربع الثالث من 2019 تأثير إيجابي على تزايد الطلب على المكاتب، حيث انخفضت البطالة إلى 12٪ مقارنة بـ 12.8% لنفس الفترة من عام 2018، مع توقع استمرار انخفاضها على المدى القصير. ومع مواصلة سير أعمال إنشاء مترو الرياض طوال عام 2019 واقتراب موعد تشغيله في عام 2020، من المنتظر أن تستفيد العقارات الواقعة بالقرب من محطات النقل الرئيسية من مزايا الوصول والربط المحسنة. كما ستلعب منطقة الملك عبد الله المالية دوراً محورياً في تطوير سوق المكاتب في العاصمة، حيث يوفر المشروع عددًا من أبراج المكاتب من الدرجة الأولى قادرة على ترسيخ مكانتها كمركز مالي محلي وإقليمي وعالمي. ومن المرتقب أيضا الدخول في مرحلة جديدة من النشاط الاستثماري والتجاري كما هو واضح مع الإعلان عن عدد من المشاريع الجديدة باستثمارات إجمالية تزيد على 15 مليار دولار (56.2 مليار ريال سعودي) والتي أعلن عنها خلال الإصدار الثالث لمبادرة الاستثمار في المستقبل 2019. وقد بلغ إجمالي معروض المكاتب في العاصمة السعودية 4.3 مليون متر مربع من المساحات القابلة للتأجير في الربع الأخير من عام 2019، مع توقع تسليم 1.66 مليون متر مربع إضافي بحلول عام 2023.
من ناحية أخرى ارتفع إشغال الفنادق بشكل كبير في عام 2019 ومن المرجح مواصلة هذا النمو في 2020 مدعومًا بالتنامي السريع للسياحة في المملكة وتنظيم الأحداث الرئيسية كاستضافة قمة مجموعة العشرين والفعاليات الرياضية والترفيهية الكبرى. كما أسهم موسم الرياض في تعزيز القطاع خلال الربع الأخير من عام 2019 مع استقطابه لأكثر من 11.4 مليون سائح. وتجاوز عدد المسافرين القادمين إلى مطار الملك خالد الدولي 1.1 مليون مسافر خلال الشهر الأول لموسم الرياض الذي ابتدأ في 11 أكتوبر 2019. وفي الأول من ديسمبر استهلت المملكة رئاستها لقمة مجموعة العشرين 2020، وهي المرة الأولى التي تستضيف فيها المملكة هذه القمة التي ستشهد تنظيم أكثر من 100 اجتماع حتى نهاية نوفمبر 2020، إلى جانب قمة القادة التي تنعقد في 21 نوفمبر 2020. ومع التغير الملحوظ للضيافة في المملكة بعد التوسع الكبير لقطاعها الترفيهي، يتوقع خبراء "سي بي آر إي" دفعة أخرى من النمو عند افتتاح مشروع "القدية" في عام 2023. ووفقًا للتقرير، هناك حاليا 17700 غرفة فندقية في الرياض مع توقع تسليم 4500 غرفة جديدة بحلول عام 2023. في حين ارتفع الإشغال بنسبة 5٪ في عام 2019 على أساس سنوي.
وستواصل قطاعات الترفيه والمأكولات والمشروبات دفع النمو والابتكار في قطاع التجزئة بالرياض بحسب التقرير. مع التركيز بشكل خاص على "التسوق الترفيهي". ومنذ عام 2018 شهدت العاصمة افتتاح قرابة عشر صالات لعرض الأفلام، كجزء من مخطط أوسع لفتح أكثر من 350 دار سينما في جميع أنحاء المملكة بحلول عام 2030. كما أعلنت "الشركة العقارية السعودية" في عام 2019 عن اتفاقية مع شركة "تريبل فايف" لتطوير مركز ترفيه وتسوق متعدد الاستخدامات يعد الأكبر من نوعه في العالم وذلك في مشروع الوديان الذي تطوره العقارية في الرياض. وتبرز الدراسة أن معاملات نقاط البيع في الرياض قد ارتفعت بنسبة 73٪ في الحجم و29٪ في القيمة في نوفمبر 2019 مقارنة بنفس الشهر من عام 2018 ما يدل على تنامي قطاع التجزئة في المملكة. ومنذ مطلع العام الجاري تم السماح للأنشطة التجارية بالعمل على مدار الساعة وطوال أيام في الأسبوع حال رغبت في ذلك، ما سيكون له أثر إيجابي للغاية على السوق. ووفقًا للتقرير، وصل إجمالي المساحات القابلة للتأجير إلى 2.91 مليون متر مربع في عام 2019، مع توقع تسليم 609،000 متر مربع إضافي بحلول عام 2023.
وقد صرح سايمون تاونسند، مدير خدمات الاستشارات الاستراتيجية لدى "سي بي آر إي" للشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا والمدير العام للشركة في السعودية قائلاً: "لقد كان للمبادرات الاقتصادية والاجتماعية الأخيرة والقوانين الصادرة عن الحكومة السعودية أثر إيجابي للغاية على القطاع العقاري في المملكة، وبدأنا بالفعل رؤية نتائج ملحوظة في القطاعات الرئيسية بما في ذلك السكن والضيافة وتجارة التجزئة كنتيجة مباشرة لذلك، ومن المرجح أن يستمر هذا المسار التصاعدي على المدى القصير إلى المتوسط. وفي ذات الوقت، من المتوقع أن تؤدي زيادة الإنفاق الحكومي على مشاريع البنية التحتية الضخمة والمشاريع الكبرى إلى تحفيز السوق ككل وانتقال هذا الأثر الإيجابي إلى كافة القطاعات الثانوية. وتبقى زيادة المعروض تحدياً واضحاً، ولكن روح الابتكار التي أظهرتها الحكومة والشركات الخاصة على حد سواء هي خير دليل على التوجه المشجع للقطاع والفرص الواعدة عبر كافة فئات الأصول. وستلعب مشاريع البنية التحتية الهامة الموشكة على الانتهاء مثل مترو الرياض دورا كبيرا في نشر المزيد من المشاعر الإيجابية لدى السكان والمستثمرين. ومع تحقيق المملكة قفزات كبيرة نحو التحول لمركز رئيسي للأعمال ووجهة سياحية عالمية سيستمر السوق في الاستجابة بشكل إيجابي لجهود القطاعين العام والخاص."