خاضت السلع تقلبات شديدة على مدار شهر يناير، ولم يكن الأسبوع الأخير منه استثناءً، حيث واصلت أسواق النفط استقطاب معظم الانتباه. وساعدت التكهنات باقتراب إبرام صفقة كبيرة جداً وغير مؤكدة حتى الآن بين أوبك وروسيا في تحقيق تراجع كبير للأسعار في ظل تقلص مراكز البيع.
وخفّت همّة ارتفاع أسعار الذهب التي شهدها على مدار الأسبوع لتترك العديد من مراكز الشراء الجديدة عبر المنتجات المتداولة في البورصة في حيرة من احتمال تسرّعها. وخاضت القهوة أطول ارتفاع في أسعارها منذ يونيو؛ وتعرض السكر لانتكاسة نادرة، فيما دفع انعدام وجود أساسيات شرائية صعودية جديدة نحو إطلاق مضاربات شرائية واضحة عبر صناديق التحوط.
وقفز قطاع الطاقة بنسبة 5.6% خلال الأسبوع، ولكنه بقي منخفضاً بنحو ثمانية في الشهر. وساعد ذلك، بالإضافة إلى تراجع أسعار السلع الخفيفة وخاصة الكاكاو السكر، في تحقيق الانخفاض الشهري السابع على التوالي في مؤشر بلومبرج للسلع.
واعتبر السكر من صفقات الشراء الأكثر تفضيلاً في مجال السلع بعد ارتفاعه بنسبة 38% في الفترة بين سبتمبر إلى ديسمبر. وبعد خضوعه لقيود نطاق ضيق على مدى الشهرين الماضيين، تملص السكر من دوافع الشراء الصعودية الجديدة لدعم موضع صاف طويل الأجل يقترب من الرقم القياسي له. وأثار الاختراق دون سعر 14 دولاراً نزوحاً من الأموال التي ستتطلع الآن للدعم من أجل العقود الآجلة على السكر في مارس (SBH6) عند 13 دولاراً، والتي تمثل نسبة تصحيح بمقدار 61.8% من الارتفاع المذكور أعلاه.
وشهد البلاتين، الذي وصل مؤخراً إلى رقم قياسي له عند تخفيضات بمقدار 26% بالنسبة للذهب، انتعاشاً قوياً بعد ملامسة أدنى مستويات أسعاره منذ الركود في عام 2009. ويحتاج تحقيق مزيد من التقدم إلى دعم من الذهب واختراقاً فنياً يتخطى عتبة 900 دولاراً بالمقارنة مع 865 دولاراً في وقت كتابة هذا التقرير.
ويتشتت تجار النحاس حالياً بين التركيز على ضعف الطلب في الصين أو دلائل استمرار التموضع المنخفض للأسعار. وستغلق أسواق الصين أبوابها لقضاء العطلة القمرية السنوية في فبراير، مما يجعل مكاسب الأسبوع الماضي تبدو مدفوعة بالأموال التي تسعى لتخفيف حمولتها من مواضع البيع قبيل هذه الفترة ليمضي تجار المعادن وقتاً هانئاً.
اضطرابات السوق تدعم انطلاقة قوية للذهب
ساعد الانخفاض المستمر لأسعار النفط في تعزيز العلاقة الإيجابية بين النفط والأسهم. وساهم هذا الغموض في دعم انتعاش الذهب خلال يناير. كما شهدت اضطرابات السوق عوائد السندات الأمريكية فيما انخفضت توقعات رفع معدلات أسعار الفائدة قبل بضعة أسابيع فقط من أول رفع لأسعار الفائدة منذ أكثر من تسع سنوات.
وارتفعت أسعار الذهب في العام الماضي بقوة خلال الأسابيع الخمسة الأولى مع الاضطرابات التي شهدها الفرنك السويسري، وساهمت محادثات التخفيف الكمية للبنك المركزي الأوروبي في دعم مكانة المعدن الأصفر. ودفع تغير التوقعات الأساسية على المدى القريب نحو مزيد من اقتراب صناديق التحوط القسري للذهب من تسجيل عقود بيع آجلة، فيما وضع المستثمرون 1.3 مليار دولار أمريكي في منتجات متداولة في البورصة مدعومة بسبائك الذهب.
ونحن لا زلنا قلقين من احتمال تعرّض أسعار الذهب لمزيد من الانخفاض في هذه المرحلة، ولكننا نشعر في الوقت نفسه بتحولات في المد، وستبدأ الدعوات لتحديد سعر أونصة الذهب بـ 1000 دولار أمريكي بالتلاشي.
وبالمقارنة مع العام الماضي حين تراجعت أسعار الذهب بشكل حاد في الفترة المتبقية من الربع الأول، يتجلى الاختلاف في محدودية العروض طويلة المدى الحالية في السوق. وانخفضت أسعار العقود الآجلة والمنتجات المتداولة في البورصة بنحو الثلث بالمقارنة مع هذه الفترة من العام الماضي. وبالتالي، وحتى لو تحسنت ظروف السوق، فإن ضغوط البيع على الذهب يمكن أن تكون محدودة.
ويجري تداول الذهب الفني حالياً باتجاه صعودي واسع بمقدار 50 دولاراً مع نطاق دعم يتراوح بين 1095 دولار و1105 دولار للأونصة يعزز من دعمه.
المصدر: ’ساكسو تريدر جو‘
هل ستوجه روسيا وأوبك الضربة القاضية للبائعين على المكشوف؟
قبيل اجتماع أوبك المزمع انعقاده في 4 ديسمبر، أطلق أعضاء المنظمة دعوات متكررة حول مساعي روسيا لاتخاذ إجراءات متضافرة بهدف وقف الانزلاق. وفي ذلك الوقت، رفضت هذه الجهود الأمر الذي أدى إلى مزيد من انخفاض الأسعار بمقدار 40%، وزيادة التكهنات بإمكانية انخفاض الأسعار إلى 20 دولاراً للبرميل.
وفي مواجهة هذا الاحتمال البعيد عن التصور، بدأت فكرة التوصل إلى إبرام صفقة بين روسيا والمملكة العربية السعودية بالحصول على اهتمام متزايد. وأظهرت السوق استجابة قوية بالاستناد إلى تصريحات مسؤولين حكوميين ومن قطاع النفط من الجانبين. وأدى احتمال إبرام مثل هذه الصفقة الكبيرة إلى تخفيض إنتاج مئات آلاف البراميل يومياً مما قد يغير التركيز من زيادة العرض نحو تأثير العروض المستقبلية لعمليات التخفيض الاستثمارية الكبرى التي تم إجراؤها على مدى الأشهر الـ 18 الماضية.
ويمكن أن يسهم تخفيض الإنتاج بنسبة 5% من الجانبين – وهو الرقم الذي تم تداوله في إحدى المراحل – في إنهاء حالة الإنتاج اليومي المفرط وإجراء تغييرات كبيرة على ديناميكيات سوق النفط. وفي مواجهة هذا الاحتمال، بدأت صناديق التحوط التي تجري عمليات بيع شبه قياسية في سوق العقود الآجلة بإعادة شراء هذه المراكز.
ولعب الطلب على العقود الآجلة للنفط، والناجمة عن إجراء مثل هذه الخطوة، دوراً مهماً في انتعاش أسعار النفط بنحو الربع بالمقارنة مع الانخفاض الأخير. ومع ذلك، وفيما يقترب الأسبوع الحافل بالأحداث إلى نهايته، ساهم النفي المتبادل من الطرفين في الحد من المكاسب الأسبوعية.
المصدر: ’ساكسو تريدر جو‘
واستناداً إلى توقعات السوق، يمكن أن ينطوي فشل التوصل إلى مثل هذا الاتفاق على تأثيرات سلبية كبيرة على أسعار النفط التي قد تتراجع إلى أقل من 30 دولاراً للبرميل. ومع التدخل السياسي باعتباره من أبرز المساهمين في تحديد أسعار النفط، من غير المرجح أن يتحول المتداولين إلى انتهاج أسلوب البيع العدواني تحت عتبة 30 دولاراً للبرميل مع ظهور مزيد من المحادثات المتجددة حول التخفيضات إلى العلن.
ومنح تقرير المخزون الأسبوعي الصادر عن الولايات المتحدة الأمريكية دفعة إضافية لمخزونات النفط الخام إلى نحو 500 مليون برميل. وحصلت هذه الزيادة نتيجة لانخفاض حاد وموسمي متوقعاً إلى حد ما في الطلب من مصافي التكرير. وأسهم انخفاض مخزونات كوشينج والانخفاض الطفيف في الإنتاج في منح البطانة الفضية التي تضاف إلى تكهنات الاتفاق الروسي السعودي لمساعدة النفط بعدم التأثر الكبير بهذا التقرير.
ما هي الطريقة التي يعتمدها المستثمرون لتداول النفط في مثل هذه البيئة المتقلّبة؟
شهد عدد خيارات التداول ارتفاعاً كبيراً خلال الأسبوعين الماضيين. واستناداً إلى الرسم البياني التالي، نلاحظ الارتفاع الكبير لأسعار الفائدة المفتوحة على كل من خيارات البيع والشراء. واقترب المعدل اليومي من تقلبات أسعار خام غرب تكساس الوسيط من 7%، وبمواجهة مثل هذا المستوى من التقلبات، من المنطقي أن يعمد التجار والمستثمرون إلى استخدام الخيارات كوسيلة للتعبير عن وجهات نظرهم حيال النفط على المدى القريب إلى المتوسط.
وبناء على افتراض قرب احتمال إبرام اتفاق بين أوبك ومنتجين خارج إطارها، يبقى التوجه المرجح للنفط على المدى القريب جانبياً مترنحاً بين 30-35 دولاراً للبرميل. ومن شأن إبرام مثل هذا الاتفاق كبير الحجم المذكور أعلاه تغيير ديناميكيات السوق، ودفع أسعار النفط الخام نحو الارتفاع مجدداً أو لفترة مؤقتة فوق عتبة 40 دولاراً للبرميل.
وتساعد العديد من الأجزاء المتحركة الأخرى في تعزيز صعوبة التكهن بتوجهات النفط في الوقت الراهن. ولا يمكن تجاهل العوامل المهمة الأخرى، بغض النظر عن التكهنات بشأن خفض الإنتاج؛ ومن بينها توقعات الطلب الصينية، ومرونة الإنتاج الأمريكية، وقدرة إيران على زيادة إنتاجها وفقاً للتوقعات، والتطورات الجارية في ليبيا، والتي تواصل إنتاج النفط بمعدلات أقل بكثير من قدراتها الحقيقية.